حلب تحترق ومشافيها تدمر وصلاة الجمعة تعلق لأول مرة
أصيب عدة اشخاص بجروح الجمعة في غارة استهدفت
مستوصفا في حي المرجة الذي تسيطر عليه فصائل المعارضة في حلب بشمال سوريا بعد يوم
من مقتل ثلاثين شخصا في غارة استهدفت مستشفى ميدانيا بعد أسبوع من تصعيد المعارك بين
قوات النظام والمعارضة.
وقال أحد سكان حي بستان القصر الشعبي إن
"الأرض تهتز تحت أقدامنا" بعد غارات جديدة شنتها طائرات النظام الجمعة،
مضيفا أن "الغارات لم تتوقف طوال الليل. لم ننم ولو دقيقة واحدة".
وتشهد حلب معارك عنيفة تهدد بإسقاط الهدنة
التي بدأ سريانها في 27 فبراير/شباط وأبرمت برعاية موسكو وواشنطن.
وقتل أكثر من 200 مدني في حلب مع تجدد
المعارك منذ أكثر من أسبوع بين فصائل المعارضة التي تقصف مناطق سيطرة النظام
بالمدفعية والقذائف الصاروخية في حين تشن قوات النظام غارات جوية على احياء
المعارضة.
والجمعة قتلت امرأة وطفل في الغارات على
احياء المعارضة، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان في حين تحدث التلفزيون السوري عن
مقتل ثلاثة اشخاص بقذائف صاروخية أطلقتها فصائل المعارضة على أحياء يسيطر عليها
النظام.
وتعرضت هذه الاحياء لعشر غارات على الاقل،
فيما يعمل المسعفون بلا توقف منتقلين من حي إلى آخر.
وقال الدفاع المدني ان عدة اشخاص بينهم ممرض
واحد على الاقل اصيبوا في الغارة على المستوصف الواقع في حي المرجة شرق المدينة.
وخلفت الغارة اضرارا جسيمة في المستوصف الذي يضم عيادة للأسنان وأخرى للأمراض
المزمنة ويقدم خدمات لسكان الحي منذ خمس سنوات.
تعليق صلاة الجمعة
وأعلن المجلس الشرعي في محافظة حلب مساء
الخميس تعليق صلاة الجمعة لأول مرة في الاحياء الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة،
بسبب القصف العنيف.
وقال في بيان إنه "نظرا للحملة الدموية
الأفظع التي يشنها أعداء الإنسانية والدين على محافظة حلب ونظرا لخطر ذلك على
المصلين المجتمعين في مكان وزمان واحد، فإن المجلس الشرعي يوصي لأول مرة القائمين
على المساجد بتعليق فريضة صلاة الجمعة وإقامة صلاة الظهر عوضا عنها".
واتخذ القرار غداة يوم دام شهد سقوط العدد
الاكبر من الضحايا منذ تجدد المعارك في حلب اذ احصى المرصد السوري لحقوق الانسان
مقتل 54 مدنيا، وفق حصيلة جديدة.
وقتل الاربعاء ثلاثون مدنيا بينهم طبيبان
عندما أصابت غارة جوية مستشفى القدس الميداني الذي تشرف عليه منظمة أطباء بلا حدود
ومبنى سكنيا مجاورا في حي السكري الذي تسيطر عليه المعارضة.
ودان المجتمع الدولي الغارة على مستشفى القدس
التي قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري انها تبدو "متعمدة".
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان 32 شخصا
على الأقل من بين هؤلاء القتلى وبينهم ثلاثة اطفال، قتلوا في غارات نفذتها قوات
النظام وبينهم القتلى الثلاثون في قصف مستشفى القدس الميداني.
وقتل 22 مدنيا، بينهم طفلان، في قصف نفذته
الفصائل المعارضة، بحسب المرصد.
واعتبرت الامم المتحدة قصف مستشفى القدس
الميداني "غير مبرر" ودعا أمينها العام بان كي مون إلى محاسبة المسؤولين
عن "هذه الجرائم".
ودان بان كي مون "أعمال القصف العشوائية
التي تنفذها القوات الحكومية وفصائل المعارضة والتكتيكات الارهابية التي يلجأ
اليها المتطرفون"، داعيا مختلف الاطراف المتحاربة الى وقف المعارك "فورا".
لكن النظام السوري نفى قصف المستشفى، حتى أن
وزير الاعلام عمران الزعبي قال إنه "لا وجود لهذا المشفى".
والجمعة ندد المفوض الاعلى في الامم المتحدة
لحقوق الانسان زيد بن رعد الحسين "باستخفاف جميع الاطراف بحياة المدنيين"
في سوريا محذرا من انهيار الهدنة.
وقال في بيان ان "العنف يتصاعد بسرعة
مهولة الى مستويات شهدناها قبل الهدنة".
وندد بمقتل مدنيين في الايام الاخيرة في حلب
وحمص ودمشق وريفها وادلب ودير الزور.
كما لفت الى ان جميع ظواهر العنف تشكل
"اثباتا جليا على استخفاف يثير القلق ازاء احدى ركائز القانون الانساني
الدولي، اي واجب حماية المدنيين".
ودعا الى جانب رئيس مجموعة العمل للمساعدة
الانسانية يان ايغيلاند الخميس، الاطراف الى وقف العنف وتجنب العودة الى الحرب
الشاملة.
وندد زيد بن رعد الحسين كذلك بالفشل
"المستمر" و"المخزي" لمجلس الامن في رفع ملف الوضع السوري الى
المحكمة الجنائية الدولية، مشيرا الى ان الدول النافذة اصبحت "متواطئة"
في مقتل مئات الالاف ونزوح الملايين.
والجمعة تجددت الغارات الجوية على حلب. وقال
المرصد السوري لحقوق الإنسان ومسؤول بالدفاع المدني ووسائل إعلام سورية رسمية إن
ضربات جوية على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة وقصفا لمناطق تسيطر عليها الحكومة في
حلب استؤنف الجمعة بعد هدوء لفترة وجيزة عند الفجر.
وقال المرصد إن طفلا واحدا على الأقل قتل
وأصيب خمسة أشخاص في ضربات جوية اليوم الجمعة على مناطق خاضعة للمعارضة.
وجاءت الضربات في نفس اليوم الذي أعلنت فيه
وسائل إعلام روسية رسمية عن الاتفاق على "نظام تهدئة" برعاية موسكو
وواشنطن يطبق لمدة 24 ساعة في دمشق والمناطق المحيطة بها ولمدة 72 ساعة في
اللاذقية.
وقال بيبرس ميشال المسؤول في الدفاع المدني
بمناطق خاضعة للمعارضة في حلب إن المدينة شهدت عددا من الهجمات الجوية صباح الجمعة
ووقع كثير منها قرب مساجد وإن إحداها أصابت عيادة طبية في حي المرجة.
وقال التلفزيون السوري الرسمي إن عددا من
الأشخاص أصيبوا واشتعلت النيران في مبنى نتيجة قصف لأحياء خاضعة للحكومة في حلب
الجمعة.
وقال المرصد إن الغارات الجوية على مناطق
خاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة في حلب أسفرت عن مقتل 123 مدنيا بينهم 18 طفلا خلال
الأيام السبعة الماضية.
وأضاف أن 71 مدنيا بينهم 13 طفلا قتلوا في
قصف شنه مقاتلو المعارضة على مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة بالمدينة خلال نفس الفترة.
وأشار إلى أن ثمانية مدنيين آخرين بينهم
ثلاثة أطفال قتلوا في قصف شنته الحكومة على مناطق خارج سيطرتها في حلب.
كارثة انسانية
وأدانت منظمة اطباء بلا حدود في بيان الخميس
تدمير مستشفى القدس الذي قتل فيه اخر طبيب اطفال في المنطقة. ويعد المستشفى
"مركز الإحالة الرئيسي لطب الأطفال في حلب"، وتدعمه المنظمة منذ العام
2012
.
وإثر هذه المجزرة، دعا الموفد الدولي الخاص
الى سوريا ستافان دي ميستورا الى "انقاذ الهدنة من الانهيار الكامل".
وقال "لا يزال الاتفاق قائما في مناطق
عدة، لكنه يواجه خطرا كبيرا وبالكاد لا يزال حيا. وقد ينهار في اي وقت".
ودعا الى عقد اجتماع لمجموعة دعم سوريا
برئاسة واشنطن وموسكو "قبل الجولة الجديدة من المفاوضات السورية خلال
مايو/ايار".
وقالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ان حلب
باتت "على شفير كارثة انسانية". وقال ممثل الصليب الاحمر في المدينة
فالتر غرو "اينما ذهبتم تسمعون دوي انفجار قذائف الهاون والغارات وهدير
الطائرات. السكان يعيشون على حد السكين. كلهم يخشون الموت".
وحذرت الامم المتحدة الخميس من ان لجان الاغاثة
لن تتمكن من ايصال المساعدات الطارئة الى مئات الالاف من السوريين في حال استمرار
المعارك.
وقتل اكثر من 270 الف شخص وهجر اكثر من نصف
سكان سوريا منذ بدء النزاع الذي دخل عامه السادس
0 التعليقات: