حتى الشموع في غزة تآمرت على أهلها
عالم بوست -رصد / لماذا تخونينا أيتها الشموع؟ لماذا تحرقين صغارنا دون أن يرف
لك جفن؟ كيف أصبحت قاتلةً بلا ضمير.. عرفناك وأنت تضيئين أعياد الميلاد، فمنذ متى
تشعلين أحزان الموت؟! حتى الشموع في غزة تآمرت علينا، واشتركت في حصارنا.. بهذه الكلمات
عبر الإعلامي في قناة "الأقصى" يونس أبو جراد عن صدمته من فاجعة موت 3
أطفال من عائلة الهندي بغزة حرقًا بعد أن أكلت نار شمعة بيتهم الصغير في حي الشاطئ.
الحادثة المؤلمة التي أفجعت كل ضمير حي، لم تكن الوحيدة، فغزة
تعتبر الأولى عالميًا في ضحايا حرق الشموع نتيجة أزمة الكهرباء التي تعصف بالقطاع
المحاصر منذ عام 2006 بعد قصف الطائرات الإسرائيلية لمولدات المحطة الرئيسية.
وتقول تقارير شبه رسمية إن أكثر من 24 طفلًا قتلًا حرقًا
في غزة منذ بدء أزمة الكهرباء واضطرار كثير من العائلات تحت ضغط الحاجة إلى
استخدام الشموع لإنارة البيوت التي لا تأتيها الكهرباء إلا ساعات معدودة في البيت.
عباس يعيق الحل
وتسلط هذه المآسي الضوء على أزمة الكهرباء التي تعتبر إحدى أشد
أدوات الحصار بيد المحاصرين خاصة سلطة رام الله التي ترفض كل الحلول المقترحة لحل
الأزمة.
ويحتاج القطاع إلى 400 ميجاوات لإنارة القطاع الذي يسكنه قرابة
2 مليون إنسان، فيما يصل العجز الحالي إلى النصف تقريبًا.
وطرحت عدة حلول لحل جذري للأزمة، منها تغذية القطاع بخط
إسرائيلي قوته 100 ميجاوات وتشغيل محطة الكهرباء عبر مد خط غاز من إسرائيل لزيادة
كفاءتها وتقليل كلفتها غير أن هذا المقترح تم رفضه من عباس
في حين ترفض السلطات المصرية ربط القطاع بمنظمة الكهرباء
التي تربط عدة دول عربية وإسلامية.
وحمل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل
هنية، السلطة في رام الله مسؤولية حرق الأطفال الثلاثة لرفضها مشاريع إقامة
الميناء ومد خط غاز لكهرباء غزة. وقال خلال تشييع جثامين أطفال الهندي الثلاثة
"سلطة رام الله ترفض عدة مشايع تكسر الحصار عن غزة وتخفف من معاناة أهله".
وتساءل هنية: "من الذي يتحمل المسؤولية؟ من الذي يأخذ 70
مليون دولار شهري من ضرائب قطاع غزة؟ من الذي يصر على فرض ضرائب على وقود محطة
الكهرباء؟ من الذي يرفض مد خط الغاز من قلب الكيان إلى سلطة الكهرباء إلى غزة؟ من
الذي يقف اليوم متلذذا ساديًا أمام جريمة الحرق؟".
وأكد "هنية"
أن جريمة حرق هؤلاء الأطفال بسبب
انقطاع الكهرباء والحصار لا تقل عن جرائم العدو الذي كان يقصف فجر اليوم في قطاع
غزة. وقال: "جريمة الحرق التي جاءت إثر هذا الحصار وأثر هذا التواطؤ وأثر هذه
المؤامرة على غزة وشعب غزة لا تقل عن جرائم العدو ولا تقل عن ما كانت تقوم به
طائراته فجر اليوم".
مبادرات وحلول
ولأن الحاجة أم الاختراع، لجأ الفلسطينيون إلى ما يعرف
"باللدات" لإنارة بيوتهم من خلال البطاريات بتكلفة تصل إلى 50 دولار،
وهو أمر قد تعجز عن توفيرها العائلات المعوزة في القطاع الذي يعاني من مشكلة الفقر
والبطالة جراء الحصار المفروض منذ أكثر من 10 أعوام.
وعقب حادثة حرق أطفال الهندي، دعا نشطاء ومغردون فلسطينيون إلى
حلول عملية لتجنت القطاع مزيد من الويلات، فيما اقترح بعضهم إطلاق مشاريع إضاءة
بيوت الفقراء خاصة أننا مقبلون على شهر رمضان المبارك.
وأطلقت الصحفية الفلسطينية، أسماء الصانع، حملة تمكنت من
خلالها جمع ما يكفي لإنارة أكثر من 30 بيتًا فلسطينيًا معوزًا
ودعت المتابعين، من خلال صفحتها على "فيس بوك"، إلى
التفاعل مع الحملة وعدم الاكتفاء بالنقد وتحميل المسؤولية لجهة هنا أو هناك.
إلى ذلك دعا القيادي في حماس، إبراهيم صلاح، إلى تشكيل لجان في
مساجد الأحياء والمناطقي والسعي بين الناس وسد حاجة الفقراء في ظل استمرار أزمة
الكهرباء.
وقال -على صفحة الفيس بوك-: "حتى نكون عمليين ولا نذرف
مزيدًا من الدموع على أطفال غيرهم، أدعو إلى تشكيل لجنة في كل مسجد مهمتها العمل
على تركيب "لدات" في كل بيت يقع في حدوده الجغرافية من الفقراء
والعاطلين عن العمل وجمع الأموال اللازمة لذلك من أهل الخير والسعة وهم
كثر؛ إذ إن تكلفة الوحدة الجيدة لا تزيد على 50 دولارًا، فإن أحسنا التسويق
لذلك لن يبقى بيت فقير أو عاطل عن العمل دون "لدات" حتى بيوت الميسورين
والموظفين ممكن إلزامهم بتركيبها في بيوتهم.
وأكد أنه "إذا وجدت الإرادة مع الإخلاص يسر الله التطبيق
والتمويل والنجاح".
ودعا الحكومة لمنع إدخال الشمع إلى قطاع غزة ومحاربته كما
تحارب الأترمال والمخدرات.
في السياق ذاته، دعا "صلاح" الشباب إلى تصميم
يافطات كبيرة على كل مداخل ومخارج شوارع قطاع غزة، تجمع كل صور معاناة شعبنا ذات
البعد الإنساني فقط من جرائم الحصار مثل: أزمة الكهرباء، وإغلاق المعابر، وإعادة
الإعمار، وقطع الرواتب، وبناء الميناء.. إلخ، بحيث يكتب على كل يافطة ما قامت به
حماس لمعالجة هذه الأزمات والمعيقات التي وضعها عباس وحكومته ودورهم في منع تحقيق
ذلك واستمرار الحصار، وعندنا من الشواهد والوثائق الكثيرة لذلك، عل الرجل يخجل قليلًا.
0 التعليقات: