لماذا لا في سوريا؟!
بقلم. د.يوسف رزقة / يستغرب بعض المهتمين بمتابعة ملف الأزمة السورية أولًا لطول سنوات الصراع، وثانيًا لعدم مبالاة إدارة أوباما بما يجري في سوريا، ومدها الحبل لروسيا لتعمل في سوريا ما تشاء.
من حق المتابعين إبداء العجب من موقف أوباما وإدارته، والذي عبر عنه جون كيري مرة في إجابة غاضبة عن سؤال لمواطن سوري قائلًا: هل تريد منا أن نخوض حربًا مع روسيا من أجلكم؟! هذا لن يكون؟! ولا أظن أن المواطن السوري كان يطلب تدخلًا عسكريًا أميركيًا في بلاده، بل كان يطلب من أميركا تأييد حق الشعب السوري في الحرية والخلاص من الاستبداد، والسماح له بالحصول على الأسلحة النوعية التي تساعده في الدفاع عن نفسه.
وقد يعجب بعضهم أيضًا من ترك أميركا الفرصة الواسعة لإيران ولحزب الله في القتال المباشر في سوريا، رغم نظرة أميركا لحزب الله كمنظمة إرهابية. أميركا لا تفعل ذلك عبثًا، ولا تفعله عن ضعف إدارة أوباما كما يحلو لبعضهم تفسير ما يجري، وإنما تفعل ذلك عن استراتيجية محددة في منطقتنا العربية والإسلامية، وفي هذه الاستراتيجية يقول هنري كيسنجر: "علينا ألّا نحل أي مشكلة في العالم؟! وعلينا أن نمسك بخيوط اللعبة في كل مشكلة كي تستمر هيمنة أميركا على العالم، ولا يسمح لأحد بالخروج على كلمتنا؟!".
إننا إذا تأملنا وتعمقنا كلمة كيسنجر وجدنا لها تطبيقًا حرفيًا في بلادنا العربية، فأميركا لم تسهم بشكل جيد في حل المشكلة العراقية، ولا في حلّ المشكلة الفلسطينية، ولا في حلّ المشكلة المصرية، فكيف لها أن تسهم في حلّ المشكلة الفلسطينية؟!.
ثم إذا تأملت وتعمقت مواقف الدول العربية من السياسة الأميركية في عهد أوباما في سوريا والعراق واليمن وإيران، وجدت أن السعودية ودول الخليج، غاضبة غضبًا شديدًا من السياسة الأميركية، ولكنها ومع غضبها الشديد لا تستطيع أن تخرج من سقف القرار الأميركي، والكلمة الأميركية، لأن الخروج على الكلمة الأميركية يعني بقاء المشكلة لسنين، واستيراد مشاكل أخرى من المشكلة الرئيسة.
لدى دول الخليج والسعودية وتركيا أيضًا، وهم من أصدقاء الشعب السوري، ولديهم بلا شك أسلحة نوعية متقدمة، ولكنهم جميعًا لا يستطيعون إمداد المعارضة السورية بجزء منها، لأنهم يخشون الاصطدام بالإدارة الأميركية. وتحاول هذه الدول التحايل، والتعويض الإعلامي والعاطفي، وهذا تعبير آخر عن عدم قدرة أنظمتنا على الخروج من سقف الكلمة الأميركية.
حين قرر الملك سلمان القيام بعاصفة الحزم في اليمن ، كان قراره تعبيرا عن غضبه من الموقف الأميركي، حيث فسره الباحثون بأن أميركا سلّمت زمام المنطقة لإيران، وأن هذا الإسلام يستهدف زيادة النزاعات والحروب الإقليمية في المنطقة. نحن في هذا المقال ننظر إلى ما قاله كيسنجر، وننظر إلى الواقع والميدان، فنرى تطبيقًا قاسيًا لكلمة كيسنجر، ونحن حين نقف على الحقيقة نشعر بألم شديد وغصة ومرارة مما نحن فيه، لا سيما ونحن نرى دول أميركا اللاتينية الفقيرة والقريبة من أميركا تتمرد عليها وتخرج عن طاعة كلمتها
0 التعليقات: