تحقيق للجزيرة: اللص اللَعِيب.. طارق عباس
نشر موقع "الجزيرة"
باللغة الإنجليزية تحقيقًا صحفيًا تناول فيه "الفساد المالي" لنجل رئيس السلطة
طارق عباس و"نهمه" في امتلاك عقارات عالمية، ووصفه بـ(بولر)- لفظ بالإنجليزية
العامية- أي "اللص اللعيب" بما يُقابله بالعامية العربية.
ويقول التحقيق الذي نشره مدير
التحقيقات الصحفية في "الجزيرة" "كلايتون سويشر" : إن "السجلات
العقارية البريطانية تظهر أن طارق عباس يمتلك بشكلٍ علني شقة علوية فاخرة (روف) كان
قد اشتراها وسجلها باسمه الصريح في إحدى المباني التجارية الفارهة في لندن بنحو
1.5 مليون دولار قبل أربعة أعوام".
وتقع الشقة المملوكة لعباس في
حي شرق "ميرشنت سكوير"، وهو أحد أحياء لندن الأكثر حداثة وفخامة، فقد تمكن
سمساره العقاري من اختيار شقة في مبنىً أنشأ وفق الطراز المعماري العريق ومحاط ببحيرة
اصطناعية ويُطل على منطقة مليئة بالحانات اللندنية الإنجليزية والمطاعم الجديدة.
وعلى الرغم من تاريخ اقتناء تلك الشقة الفارهة منذ ذلك الحين، إلا أنها لا زالت غير مأهولة والتي يبدو أنه ليس بحاجة إلى جني المال أو استثمارها عبر تأجيرها؛ وفي حال قرر ذلك، فإنها ستُدر عليه نحو 4300 دولار شهريًا.
ونقل مُعد التقرير عن سجلات المبنى
السكني الذي يمتلك فيه عباس شقته أن أكثر من 6700 دولار تراكمت عليه خلال العام
2014 على شكل إيجار موقف سيارة وغرفة مخزن، لكنه دفعها لاحقًا بعد مماطلات عدة.
ويقول "سويشر" في تحقيقه
إن طارق عباس لم يُجب على الأسئلة التي وجهها له حول أمواله وكيفية امتلاكه تلك الشقة
المثيرة للجدل، خاصةً وأنه "يُدرك تمامًا أن غالبية مواطنيه لا يتعدى دخلهم السنوي
عن 3060 دولارًا، وهو ما يجعل من المستحيل استئجار مثل شقة مماثلة بالنسبة لهم،
"فكيف بنجل رئيسهم"؟
ويضيف أن ليس طارق وحده مليونيرًا
في عائلة الرئيس، فشقيقه ياسر أيضًا محظوظ باحتكار توزيع عملاق السجائر الأمريكية في
الأراضي الفلسطينية من نوع "لاكي سترايك"، عدا غيرها من أنواع التبغ المباعة
للفلسطينيين يوميًا.
ويقول "سويشر" أعتقد
أن الفلسطينيون يتساءلون: "هل هذه الثروات الهائلة التي تعود لياسر وطارق فقط
لكونهما رجال أعمال عاديين؟ أما أن أمورًا أخرى خفية عنهم"؟
ويشير إلى أن ثروة الشقيقين لا
يمكن أن ينافسها أيُ من مواطنيهم، "فالفلسطينيون يدركون أن لبابا الرئيس دورُ
في مضاعفة تلك الثروات".
وكانت صحيفة "هآرتس"
الإسرائيلية ذكرت في تسريبٍ لها أن طارق عباس يمتلك أسهمًا بقيمة 982 ألف دولار من
الشركة العربية الفلسطينية للاستثمار، بواقع 18 % من أسهم الشركة، فيما أدرجت شركة
"الجزر العذراء البريطانية" ضمن الشركة الأولى التي يشغل طارق منصب عضو مجلس
إدارةٍ فيها.
ويلفت التقرير إلى أن رئيس السلطة
محمود عباس ذاته يتمتع بنفوذ كبير على أنشطة صندوق الاستثمار الفلسطيني، مضيفًا أن
كلا نجليه قد يرثان نفوذًا وثرواتٍ هالة إضافية في حال ترك والدهما المكان لهم.
وكان استطلاع لوكالة "أسوشيتد
برس" الأمريكية أظهر أن أكثر من 95 % من الفلسطينيين يؤمنون أن حكومة الرئيس عباس
تعيث فسادًا.
ويُخاطب "سويشر"، قراءه:
"قد لا تسمعون كثيرًا عن ذلك الفساد، في منطقة صغيرة يحكمها مجموعة من اللوردات
وعلى رأسهم قيصر هو الرئيس عباس، وبطبيعة الحال فإن معارضيه مأواهم السجن والتعذيب
واعتقال الصحفيين الذين يتعرضون له وإغلاق المواقع التي تُسيء له".
ويقول: "لكن تلك الإجراءات
لا تمنع الناس من التوقف عن التفكير في ذلك الفساد المستشري، فأبناء الرئيس أيضًا متورطون
على نطاقٍ واسع ويتساءل المرء حينها: "إلى متى يستمر ذلك؟"
ومؤخرًا، قال نجل الرئيس إنه امتلك
عددًا من الفيلات و"روف" في العاصمتين اللبنانية والأردنية.
وعودةٌ إلى طارق، فهو اليوم يرأس
مجلس إدارة مجموعة شركة "سكاي" للدعاية والإعلان ومقرها في رام الله، واليوم
توسعت أعمالها بعد أن نجحت في جذب جهات إعلانية لها ثقلها العالمي مثل شركة "الوطنية
موبايل" التابعة للاتصالات القطرية، وخدمة BBC الإخبارية
العالمية، وKFC سلسلة مطاعم دجاج كنتاكي الشهيرة.
عدا عن ذلك، فإن تلك الشركة الدعائية
كانت تأخذ على عاتقها تسويق عقود الحكومة الأميركية المثيرة للجدل داخل الأراضي الفلسطينية
عن طريق وكالة "رويترز" بعد فوزها بمناقصة بقيمة مليوني دولار في العام
2006. وقد عملت "سكاي" للدعاة الإعلان على انتاج تقارير تهدف ضمنًا إلى تحسين
صورة الولايات المتحدة في الأراضي المحتلة.
ومن تلك الأعمال الدعائية التي
روجت لها الشركة، خطة خارطة الطريق للرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش عام 2002 والت
هدفت لإقامة دولة فلسطينية بحلول نهاية 2005.
ويقول مُعد التحقيق: "والآن
للأسف بعد مرور 10 سنوات نعلم أن طارق عباس ليس إلا أداة تدوير للاقتصاد الغربي بالنيابة
عن (إسرائيل)".
ويضيف: "تلك هي حال البلاد
التي يحكمها الرجل الثمانيني الذي رفض العودة إلى بلدته الأصلية المحتلة –صفد- في إحدى
مقابلاته الصحفية مع صحفي إسرائيلي".
ويختتم تحقيقه بالقول: "ذلك
حال الأب، أم بالنسبة لطارق فليس مهمًا أن تبقى فلسطين، أما المهم بالنسبة له لندن
ولا يهم أن يعرف الآخرون متى وكيف سيتمتع في ملكه"
0 التعليقات: